languageFrançais

'رقوج' ينتقل من الشاشة إلى الركح ويُبهر جمهور دقة في الختام

أسدل الستار، مساء أمس الثلاثاء 8 جويلية 2025، على فعاليات الدورة 49 من مهرجان دُقّة الدولي بعرض فني حمل توقيع الثنائي عبد الحميد بوشناق وحمزة بوشناق، بعنوان "رقوج العرض"، الذي ملأ مدارج المسرح الأثري بمدينة دقّة.

العرض، الذي مثّل أوّل تقديم مسرحي مباشر مستوحى من المسلسل الشهير "رقوج" بجزئيه الأوّل والثاني، حظي بإقبال جماهيري لافت دفع بالمنظمين إلى إعلان نفاد التذاكر قبل انطلاقه بلحظات، في تدوينة على الصفحات الرسمية للمهرجان جاء فيها "نعلمكم أنّ جميع تذاكر عرض رقوج قد نُفدت!".

عرض جماهيريّ تفاعلي

طيلة أكثر من ساعتين ونصف، عاش جمهور دقة تجربة فنية غنية جمعت بين الموسيقى الحية والغناء والمسرح في تناغم سلس وغير مسبوق، ووسط تفاعل جماهيري منقطع النظير، حيث لم يكن الحضور مجرد متلقّ، بل شريك فعلي في العرض؛ يصفق، يضحك، يردد الأغاني، ويشارك في الحوار. 

وتوزعت وتيرة العرض على مشاهد سريعة الإيقاع دون فواصل زمنية، حافظت على حرارة التفاعل منذ الدقيقة الأولى حتّى الختام.

"جمهور متعطش للفن"

وأكّد المخرج عبد الحميد بوشناق لموزاييك، أنّ التحضيرات والبروفات لهذا العمل استغرقت أكثر من شهر ونصف، مضيفًا: "كان التحدّي مضاعفًا، اختزال مسلسل درامي طويل في عرض حيّ ومكثّف، وتقديمه لأوّل مرّة أمام جمهور متعطش للفنّ، ويأتي من كلّ الجهات إلى دقّة، حيث تكون سقف التطلعات عاليًا جدًا".

الموسيقى قلب العرض

أمّا الموسيقي حمزة بوشناق، فقد وصف تجربة العزف الحي ضمن عرض مسرحي بأنها مغامرة فنية معقدة، تتطلب دقة في التناسق بين العزف والأداء المسرحي. 

وأكد على أنّ تقديم أبرز أغاني مسلسل "رقوج" بجزئيه، مباشرة أمام جمهور ملمّ بكل تفاصيل العمل، فرض عليهم تحديًا نوعيًا: "جمهور رقوج لا يأتي فقط للاستماع، بل يعيش التجربة ككل موسيقى، مسرح، وكوميديا..".

إطلالات مؤثرة وتكريمات وازنة

عرف العرض مفاجآت فنية وإنسانية مؤثرة، أبرزها تكريم العاملات الفلاحيات من خلال عرض لأغنية "إنتِ الشمس الدافية"، مصحوبًا برفع "المحرمة" التقليدية وأداء أغنية "الناس اللي تعاني" إضافة إلى مشهد مؤثر شهد دخول  الفارس على جواده للمسرح، الذي أضفى طابعًا مسرحيًا مميزًا.

"اختبار حقيقي للممثل"

وشهد العرض صعود الممثلة فاطمة سعيدان في الساعة الأخيرة، حيث أدّت مشاهد تمثيلية تجمع بين قوة الأداء والنص، وأكّدت في تصريح لموزاييك على أنّ "نقل عمل من الشاشة إلى الركح هو اختبار حقيقي للممثل، خصوصًا أمام جمهور يتوقع دائمًا الابتكار والتجديد".

بدورها، أبهرت الفنانة خولة الطاوس الحضور بأداء أغنية "يا هل ترى قداش"، بينما توالت تكريمات لعدد من الوجوه الفنية الراحلة على غرار فتحي الهداوي، ياسر الجرادي، أحمد كافون الذي حظي بتكريم مبتكر عبر الذكاء الاصطناعي من خلال تقديمه لعدد من أغانيه، بالإضافة إلى إشادة خاصّة بعدد من الوجوه الفنية الراحلة.

"مغامرة فنية استثنائية"

في ختام العرض، صعد المخرج عبد الحميد بوشناق  متأثرًا، موجّهًا كلمة شكر لكلّ من ساهم في إنجاح هذا العمل، من فريق الإنتاج، إلى الممثلين، إلى مهرجان دقة، والأهم، الجمهور.

كما حيّى شقيقه حمزة بوشناق بدوره جميع أفراد الفريق، مؤكدًا أن "هذا العمل هو تتويج لمسار جماعي ومغامرة فنية استثنائية".

فن تونسي حيّ.. وواعد

بهذا العرض، أثبت مهرجان دقة الدولي مرة أخرى قدرته على استقطاب أعمال فنية نوعية، تربط الماضي بالحاضر وتجمع بين الأصالة والإبداع المعاصر، ليكون عرض "رقوج" لا فقط ختامًا لدورة استثنائية، بل بداية جديدة لأفق مسرحي تونسي مليء بالحياة والجرأة والابتكار.

صلاح الدين كريمي